بداية، أود أن أتقدم بالشكر إلى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ومدير العمليات بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية السيد جون جينغ، على إحاطتهم اليوم
يمر اليمن الشقيق بمرحلة صعبة في تاريخه، حيث إن النزاع هناك يستمر لعامه الثالث منذ انقلاب ميليشيات الحوثي في 2014 على الحكومة الشرعية، والذي يعد ليس فقط إنقلاب على السلطة الشرعية، بل إنقلاب على الدولة ومؤسساتها. ومنذ ذلك الوقت، لم نرى – وللأسف الشديد – حلاً سياسياً ينهي النزاع في هذا البلد العربي الشقيق الذي يواجه شعبه العزيز تدهوراً في الأوضاع الإنسانية والمعيشية
لقد طرئ على المشهد اليمني تطورات أمنية وسياسية خلال الفترة الماضية مقلقة جداً، للأسف ساهمت في تعقيد هذا المشهد وزادت من جمود العملية السياسية اليمنية. إن هذا الجمود سببه التعنت الواضح من أحد أطراف النزاع في اليمن – وهم جماعة الحوثي – الذي ماطلت ورفضت الإنخراط بالجهود الأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة، ويرفض حتى تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة
إن دولة الكويت تجدد التأكيد على أنه لن يكون هناك حل عسكري للنزاع الدائر في اليمن، ولا يمكن أن يحسم هذا النزاع إلا عبر الحوار والحل السياسي الذي يجب أن يستند إلى المرجعيات الثلاث المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى وجه الخصوص القرار 2216 – الذي يعتبر ركيزة أساسية لتسوية الأزمة اليمنية
إن دولة الكويت لها جهود تاريخية في الوساطة ورأب الصدع بين الأشقاء في اليمن تعود إلى سبعينيات من القرن الماضي. وفي عام 2016، استضافت دولة الكويت مشاورات السلام بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة لأكثر من 100 يوم من أجل تسوية النزاع سلمياً في اليمن، والتي استندت على المرجعيات الثلاث التي شكلت خارطة طريق للتسوية السلمية. وجاء ذلك إنطلاقاً من حرص دولة الكويت على إستقرار اليمن الشقيق وحقن دماء أبنائه. إن الجميع ينظر اليوم – بما فيهم الأطراف اليمنية – إلى مفاوضات السلام التي عقدت في دولة الكويت بأنها كانت فرصة تاريخية للأشقاء في اليمن لإنهاء هذا النزاع الدائر
يتعيّن أن تكون رسالتنا واضحة إلى الأطراف اليمنية، خاصة الأطراف التي ترفض الإنخراط بشكل بناء مع الجهود الأممية، مفادها بأن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو عبر العودة إلى طاولة المفاوضات مما يتطلب من الأطراف اليمنية تغليب المصلحة الوطنية فوق كل إعتبار آخر. وفي إطار حديثنا حول العملية السياسية، نؤكد مجدداً على إستعداد دولة الكويت لإستضافة الأشقاء اليمنيين للتوقيع على إتفاق نهائي متى ما تم التوصل إليه بين الأطراف اليمنية
هناك بُعد آخر للأزمة اليمنية يجب أن يأخذ حيزاً من إهتمام مجلس الأمن، فجميعنا على علم بحملة الصواريخ الباليستية الذي يشنها الحوثيين على المملكة العربية السعودية الشقيقة والذي وصل عددها إلى 95 صاروخاً حتى تاريخ 5 فبراير 2018
نحن في دولة الكويت نستنكر وندين بأشد العبارات حملة الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيين على المملكة العربية السعودية الشقيقة والإدعاءات بتنفيذهم هجمات كذلك على دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ونعتبر ذلك تطوراً خطيراً يهدد السلم والأمن الإقليمي ويعد تحدياً لإرادة المجتمع الدولي وتجاهلاً للمساعي الرامية للوصول إلى الحل السياسي المنشود. كما نؤكد وقوف دولة الكويت الكامل إلى جانب الأشقاء في المملكة العربية السعودية الشقيقة ودعمها لكافة الإجراءات المتخذة من قبل المملكة للحفاظ على أمنها واستقرارها. وفي هذا السياق نؤكد بأنه لا يمكن أن يقبل مجلس الأمن وجود جماعة من غير الدول تهدد دولة ذات سيادة بمثل هذه الصواريخ، وتزعزع إستقرار وأمن المنطقة، وأن مثل هذه الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية يجب إدانتها في كل مرة
كما يعد أمن الممرات المائية مسألة مهمة، ولا يمكن أن يتم التهاون في التعاطي معها، ويجب إرسال رسالة واضحة بأن الهجمات على السفن، أو التهديد بإستهدافها، أو زرع الألغام المائية في الممرات المائية في باب المندب والبحر الأحمر، غير مقبول إطلاقاً ويتعين إدانته كذلك
على الصعيد الانساني، يتطلب الأمر منا جميعاً تقديم المزيد لتخفيف المعاناة الإنسانية التي تواجه الشعب اليمني. نحن في دولة الكويت لم نغفل البعد الإنساني في اليمن حيث التزمنا في مؤتمر المانحين الذي عُقد في جنيف في أبريل 2017 بتقديم مساعدات إغاثية وإنسانية تقدر بنحو 100 مليون دولار أمريكي
كما أود أن أشير إلى أن دول التحالف لإعادة الشرعية إلى اليمن مستمرة في جهودها لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، وقد أعلن التحالف بتاريخ 22 يناير 2018 عن خطة عمليات إنسانية شاملة في اليمن والذي رحب بها كل من الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية السيد مارك لوكوك، وتشمل تلك الخطة تعهد سخي من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بتقديمهما مليار دولار أمريكي مشتركة كمساعدات إنسانية، وتشكل تلك المساهمة منهما ما يقارب نسبة ثلث إجمالي المناشدة لخطة الإستجابة الإنسانية للأمم المتحدة لليمن لعام 2018. إننا نأمل ومن خلال هذه الخطة من قبل التحالف بأن نرى تحسناً على الأرض خلال عام 2018 في الأوضاع الإنسانية
وفي هذا الصدد، أود التشديد على أننا نؤمن بأن الحل الأمثل لإنهاء الأوضاع الإنسانية يتطلب إعادة الأمن والإستقرار في اليمن بما يصون سيادته وإستقلاله ووحدة أراضيه، وهو أمر لن يتحقق إلا عبر الوصول إلى حل سياسي وفقاً للمرجعيات الثلاث. كما نجدد التأكيد على دعم ومساندة الشرعية الدستورية في اليمن
في الختام، وبما إن هذه آخر إحاطة يقدمها لنا المبعوث الخاص، أود أن أعرب عن تقديرنا للجهود الذي قام بها السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وفريقه، طوال فترة ما يقارب 3 سنوات منذ توليه مهامه الرامية إلى تسوية الأزمة اليمنية، ونحن في دولة الكويت شهدنا عن قرب تلك الجهود الحثيثة في مفاوضات السلام التي عقدت في الكويت. كما نعرب عن تطلعنا للعمل مع المبعوث الخاص الجديد، السيد مارتن غريفيثس، والذي سيجد منا كل الدعم والمساندة في سبيل إنجاح مهمته
شكراً لكم
Copyright © 2018 • All Rights Reserved • Permanent Mission of the State of Kuwait to the United Nations