شكراً، السيد الرئيس
بدايةً، أود أن أعرب عن تقديري للإحاطات التي تقدموا بها كل من السيدة جاياثاما ويكراماناياكي، المبعوثة الخاصة للأمين العام المعنية بالشباب، والسيد غرايم سيمبسون، الكاتب الرئيسي للدراسة التقدمية للشباب والسلام والأمن، والسيدة صوفيا بيير-أنطوان، عضو المجلس الاستشاري العالمي للجمعية المسيحية للشابات YWCA وعضو مجلس صندوق النساء الشابات في هايتي، والسيدة كيسي إيكومو-سوينيه، المديرة التنفيذية لمنظمة URU في جمهورية أفريقيا الوسطى
موضوع نقاشنا اليوم يحمل أهمية خاصة لسببين رئيسين: أولهما طرحه للنقاش للمرة الأولى بتاريخ جدول أعمال المجلس منذ اعتماد القرار 2250 حول الشباب والسلام والأمن في عام 2015، والثاني لإيماننا الراسخ بأن المساهمة في تنمية فئة الشباب في أي مجتمع ما، مرتبط ارتباط وثيق بمدي تحضر وتقدم الدول ورفاه شعوبها. فمجلسنا هذا اعتمد بالإجماع القرار 2250 حول الشباب والسلم والأمن في 9 ديسمبر 2015، والذي يُعد أول قرار يقر مباشرة بالدور الهام والإيجابي الذي يضطلع به الشابات والشباب في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وخلال العامين الماضيين، قامت العديد من الجهات المعنية، بما في ذلك الأمم المتحدة والدول الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني - والأهم من ذلك، الشباب أنفسهم – بترجمة هذا القرار التاريخي إلى خطوات وإجراءات ملموسة، وأود أن أغتنم هذه الفرصة للترحيب بالدراسة المرحلية حول الشباب والسلام والأمن التي تم إصدارها مؤخراً وبالتوصيات الواردة بها، والتي تتناول كيفية مشاركة الشابات والشباب في ممارسات بناء السلام وتتضمن توجيهات عملية ملموسة لمجتمع السلم والأمن للعمل مع الشباب بطرق جديدة ومبتكرة
السيد الرئيس
أود أن أتطرق إلى 3 جوانب في إطار مناقشتنا اليوم، أولاً: التحديات التي تعرقل تنفيذ أجندة الشباب والسلام والأمن، ثانياً: أمثلة ايجابية على تنفيذ جدول أعمال الشباب والسلام والأمن، ثالثاً: الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان تنفيذ أجندة الشباب والسلام والأمن
أولاً - التحديات التي تعرقل تنفيذ أجندة الشباب والسلام والأمن
يكافح عدد كبير من الشباب حول العالم، لا سيما أولئك الذين يعيشون في البلدان النامية أو البلدان المتضررة من الصراع، للحصول على أبسط الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك التعليم والتوظيف وخدمات الرعاية الصحية، فضلاً عن ممارسة الحريات المدنية والمشاركة السياسية. فدون هذه الاحتياجات الأساسية، لا يملك الشباب أي وسيلة للازدهار والنمو والمساهمة الكاملة في المجتمع، حيث تُعد تلك الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عوامل أساسية لتحسين حياة الشباب والقضاء على الفقر والجوع وتعزيز الرفاه في المجتمعات السلمية الأكثر شمولاً
ففي منطقتنا العربية، علي سبيل المثال، بلغ معدل البطالة لدي شريحة الشباب 30% - والذي يعد الاعلى من أي جزء آخر من العالم، نتيجة للفشل في تحويل المكاسب التعليمية إلى وظائف لائقة للشباب- إلى جانب النمو السكاني السريع – الذي لا يحد فقط من فوائد العائد الديموغرافي، بل قد يؤجج الي المزيد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، كما تعد الصور النمطية السلبية للشباب أحد العوامل الرئيسية التي تعرقل إشراكهم ومساهمتهم في الأمن وبناء السلام، لا سيما تلك التي تربطهم بمظاهر العنف، ففي نطاق حالات الصراع، نرى بأن هذه الصورة النمطية السلبية سائدة بشكل خاص بين اللاجئين والشباب النازحين، حيث ينظر إليهم غالباً على أنهم تهديد أمني
ويشكل انتشار الصراعات كذلك في أجزاء كثيرة من العالم عقبة أخرى تعوق المساهمة الإيجابية للشباب في الحفاظ على السلام والأمن وتعزيزهما. فمنطقتنا العربية، التي وللأسف تشهد عدد من الصراعات الأكثر حده، يواجه عدد كبير من شباباها تحديات تشكل عقبة أمامهم لتحقيق طموحاتهم. فالنزاعات حطمت أمنياتهم ومستقبلهم، والبطالة زادت من يأسهم وفقدانهم للأمان، والفقر سلب حقهم المشروع في العيش الكريم، والإرهاب والتطرف خطف براءتهم، وتشكل هذه التحديات تهديد خطير على مستقبل البلدان ونموها بشكل مستدام، مما يتطلب منا معالجة جذور الصراعات ومسبباتها
ثانياً – أمثلة ايجابية على تنفيذ جدول أعمال الشباب والسلام والأمن
استعرضت الدراسة المرحلية العديد من الأمثلة الإيجابية لمساهمات الشباب بالسلام في جميع أنحاء العالم ، ونحن بدولة الكويت، وأدراكا منا بأهمية فئة الشباب ودورهم المحوري في بناء كويت المستقبل، أنشئنا وزارة الدولة لشؤون الشباب في عام 2013، والتي تعمل علي تمكين فئة الشباب وتحسين وتطوير قدراتهم من أجل المساهمة الفعالة في المجتمع مع نشر مفهوم السلام والتسامح لديهم. هذا، وقد تم تسمية دولة الكويت عاصمة الشباب العربي لعام 2017، وتحت شعار "هنا الشباب"، حيث احتضنت بلادي الشباب العربي في أكثر من مناسبة وفعالية ثقافية ورياضية واجتماعية واقتصادية، إيماناً منها بطاقاتهم وقدراتهم في قيادة التنمية والنمو في أوطاننا
وفلسطين المحتل، وبعد مرور ما يقارب نصف قرن منذ احتلاله، وتعاقب جيلين من فئة الشباب الفلسطيني تحت الاحتلال، خير دليل أمامنا على مدي تحدي فئة الشباب الظروف الصعبة التي يعيشون فيها لبناء مجتمعه وتحقيق مكاسب تضمن له الأمن والسلام
ولعل تجدر الإشارة أيضاً لما شهده المجلس الأسبوع الماضي من خلال انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا، حيث ساهمت الجهود الوطنية الإقليمية والدولية في تنمية ذلك البلد الذي مزقته الحروب الأهلية التي خاضها الجنود الأطفال، والتي أصبح الآن بلداً تطور إلى إشراك الشباب في عملياته السياسية والمصالحة الوطنية، حيث شهدنا بشكل مباشر فوائد تعزيز دور الشباب في بناء السلام
ثالثاً: الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان تنفيذ أجندة الشباب والسلام والأمن
نتفق تماماً مع ما ورد في الدراسة المرحلية التي أعدها السيد/ سيمبسون حينما بيَن بأن فئة الشباب تعتبر عماد تطور المجتمعات وبناؤها، وعنصراً أساسياً في تحقيق الأمن والسلام، حيث أكد بأن الحكومات التي تهمل تنمية فئة الشباب بمجتمعاتها تفقد "حلقة وصل" أساسية تتسبب بتعطيل مجالات الأمن والسلام
ونود التأكيد من جانب آخر على أهمية تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وإدراك مبادئها التي تعد عنصراً هاماً وعامل ربط أساسي لاستقرار الأمن والسلام، والتي لن تتحقق إلا عبر تطوير فئة الشباب ودعم المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بهم، كما نؤكد على ضرورة الاستثمار بفئة الشباب لبناء طاقاتهم وفق مبادئ وقيم تُجنبهم آفات الجريمة واستغلالهم من قبل شبكات الفساد والتطرف الفكري، و من خلال دعم إنشاء وتعزيز شبكات سلام وطنية وإقليمية وعالمية للشباب، وضمان حمايتهم وتوفير التعليم، ﻻ سيما في المناطق المتضررة من النزاعات
السيد الرئيس
في الختام، أود أن استشهد بمقولة لحضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، والتي تتعلق بموضوع نقاشنا اليوم الخاص بفئة الشباب، واقتبس " فهم أغلى ما نملك من ثروة وأفضل استثمار، وعلينا تنمية قدراتهم ومهاراتهم وصقل مواهبهم وحثهم على التزود بالعلم ومناهل المعرفة ليكونوا أكثر نضجاً ووعياً وتحصيناً من الأفكار الضالة والسلوك المنحرف وتحفيزهم على المزيد من العطاء والمشاركة في تنمية وطنهم ورقيه"
وشكراً، السيد الرئيس
Copyright © 2018 • All Rights Reserved • Permanent Mission of the State of Kuwait to the United Nations