Copyright © 2018 • All Rights Reserved • Permanent Mission of the State of Kuwait to the United Nations
السيدة الرئيس
في البداية أود أن اهنئكم على رئاستكم لمجلس الأمن في الشهر الأول من عضويتكم في المجلس، ورغم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقكم، إلا أننا واثقون بأنها ستكون رئاسة ناجحة. هذا، وأشكركم على إعداد الورقة المفاهيمية لمناقشتنا الهامة اليوم تحت عنوان "منع نشوب النزاعات وإدامة السلام". كما أود في هذه المناسبة أن أغتنم الفرصة لتهنئة الأعضاء الجدد كل من بوليفيا، واثيوبيا، وإيطاليا، وكازاخستان. كما لا يفوتني أن أعرب عن الشكر لمعالي الأمين العام السيد أنطونيو غوتيريش على ما تفضل به اليوم من إحاطة قيمة، تشكل خارطة عمل لرؤيته تجاه مسألة منع نشوب النزاعات، آملين أن تحقق فترة ولايته كأمين عام للأمم المتحدة تقدماً ملموساً في تفعيل الدبلوماسية الوقائية. ونؤكد في هذا السياق حرص دولة الكويت للعمل بشكل وثيق مع معالي الأمين العام من أجل تحقيق رؤاه فيما يتعلق بالسلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم بأسره
السيدة الرئيس
يواجه عالمنا اليوم مآسي ومعاناة إنسانية عميقة ارتفعت حدتها خلال السنوات القليلة الماضية بشكل يدعو للقلق فقد ازداد عدد الحروب الأهلية من 4 في عام 2008 إلى 11 في 2015 مما أفضى لوجود أكثر من 128 مليون شخص متأثر بسبب النزاع، والنزوح، والكوارث الطبيعية نحو العالم فضلاً عن 60 مليون شخص مشرد أو لاجئ بسبب النزاعات والحروب، علاوة على ذلك فقد سجل النداء الإنساني التي أطلقته الأمم المتحدة لعام 2017 وهو 22.2 مليار دولار أمريكي، رقما قياسياً جديداً، ويعد دلالة على عمق وخطورة الازمة التي نواجهها، ونتيجة لكل هذه المعطيات وغيرها من التحديات التي تعصف بعالمنا المعاصر، فإن توقيت مناقشة موضوعنا اليوم أصبح أمراً في غاية الأهمية وفرصة لنا جميعاً – مع عام جديد وأمين عام جديد – للعمل جميعا لتحقيق هذا المبتغى في أن يكون عام 2017 عاماً للسلام
السيدة الرئيس
بالرغم مما تم بذله من جهود في هذه المنظمة في إطار تعزيز مبدأ منع نشوب النزاعات وبالرغم ما عقد من جلسات وما أعتمد من قرارات وما أصدر من تقارير ودراسات حول هذا الموضوع، لاسيما قرار مجلس الأمن 2171 الذي سعى إلى تعزيز دور مجلسكم الموقر في قضية منع نشوب النزاعات، إلا أن تلك الجهود لم تلب بعد الآمال والطموحات في تحقيق التقدم المرجو فقد شهد المجلس والمجتمع الدولي خلال الفترة الماضية تحديات جادة في التعامل مع نزاعات أكثر تشابكاً وتعقيداً مما كانت عليه في السابق، مما يستدعي التعاطي مع تلك النزاعات وفق سبل أكثر ابتكاراً وشمولية، والعمل وفقاً لمبدأ الدبلوماسية الوقائية لعلاج أسس وجذور تلك النزاعات والصراعات بما فيها الأسباب الناتجة عن القضايا الاقتصادية كالفقر والبطالة والقضايا الاجتماعية كغياب العدالة وانتهاكات حقوق الإنسان
السيدة الرئيس
إزاء ما نشهده من عدم استقرار وغياب للسلم والأمن في العديد من مناطق العالم، فإننا مطالبون بالاستفادة من خلاصة تجارب الماضي والتركيز أكثر على منع حدوث النزاع بدلاً من التعاطي مع عواقبه السياسية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية – وتحديداً عمل مجلس الأمن والذي نعيد التأكيد على أنه مطالب بتحمل مسؤولياته في صون الأمن والسلم الدوليين وفق ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة. فللمجلس خبرة طويلة جداً في التعامل مع النزاعات وإدارتها واحتوائها، ولكنه لا يفعل الكثير لمنعها منذ البداية
أن التعامل مع الأزمة بعد اندلاعها بات يسبب كلفة باهظة على المجتمع الدولي. ولا بد لي أن أشير إلى عدم قدرة المجلس في السنوات الأخيرة في معالجة قضايا كثيرة، لعل أبرزها القضية الفلسطينية – التي استمرت على جدول أعمال مجلس الأمن قرابة الــ 70 عاما دون حل – والأزمة السورية – التي تدخل عامها السادس وحصدت أرواح أكثر من 400 ألف شخص – وهي قضايا على سبيل المثال لا الحصر، دليل على العجز الذي يعيشه المجلس وانشغاله بالتعامل مع الآثار الناجمة عن هذه النزاعات ومحاولة احتوائها وعدم تفاقمها بدلاً من التحرك الفعال لمنع نشوب النزاعات قبل وقوعها
السيدة الرئيس
يمثل الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة قاعدة لحل النزاعات حلاً سلمياً، وفق ما يوضحه من سلسلة من الخطوات لتحقيق هذا الغرض كـالمفاوضات والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، إضافة إلى المادة 99 من الميثاق التي كفلت للأمين العام الحق بأن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين، وهو ما يدعونا إلى التأكيد على أهمية قيام المجلس بتفعيل الأدوات المتاحة له وتنفيذ ما هو منصوص عليه في الميثاق لمنع نشوب النزاعات. وفي هذا السياق، نشدد على أهمية تذليل الصعوبات كافة وتعزيز الموارد المطلوبة للأمين العام والأمانة العامة للأمم المتحدة للتنبؤ المبكر لمنع وقوع أي نزاع محتمل وتفادي الوصول إلى تداعيات يصعب تحملها، بالإضافة إلى أهمية الدفع بتعزيز الشراكات مع المنظمات الإقليمية والمنظمات دون الإقليمية التي تمتلك دورا محوريا وهام في تعزيز السلم والأمن الدوليين
السيدة الرئيس
تمثل التنمية المستدامة وتحقيق أهدافها رافداً رئيسياً في دعم استقرار الدول وإدامة السلام فيها، فقد استدعت اجندة التنمية المستدامة لعام 2030 آفاقاً جديدة لتحقيق السلام عبر خطة شاملة تعالج جدور ما نواجه من عقبات، فقد دعا الهدف السادس عشر لإقامة مجتمعات مسالمة وعادلة وشاملة للجميع، وهو ما يؤكد على الترابط الوثيق الذي يجمع السلام بالتنمية
إن الطريق لتحقيق سلام دائم هو طريق وعر وشائك ولا يمكن المضي به دون تكاتف جميع الجهود والعمل وفق رؤية جماعية مشتركة، وإن على الأمم المتحدة ومجلس الأمن على وجه الخصوص مسؤولية تاريخية وأخلاقية للاستجابة إلى مناشدة الملايين من المنكوبين حول العالم، ويتفق وفد بلادي مع ما ذكره معالي الأمين العام صباح اليوم من حاجتنا الماسة إلى العمل وفق نهج جديد يعزز الجهود الرامية إلى منع نشوب النزاعات قبل وقوعها بدلاً من الاكتفاء بالاستجابة لتلك الأزمات ومحاولة احتوائها وما يمثله هذا التحرك البطيء من كلفة مالية وسياسية وبشرية يصعب السكوت عنها
السيدة الرئيس
لعله من المناسب أن أختتم بياني اليوم – وخلال الرئاسة السويدية للمجلس – باقتباس من الأمين العام السويدي الراحل السيد داغ هامرشولد، يؤكد فيه أن السعي وراء السلام والتقدم يجب أن تكون عملية مستمرة دون نهاية، وأقتبس
"إن السعي وراء تحقيق السلام والتقدم لا يمكن أن ينتهي في غضون سنوات قليلة إما بتحقيق النصر أو بالهزيمة، بل إن السعي وراء تحقيق السلام والتقدم، بتجاربه وأخطائه ونجاحاته وانتكاساته، لا يمكن أبداً التهاون فيه أو التخلي عنه"
“The pursuit of peace and progress cannot end in a few years in either victory or defeat. The pursuit of peace and progress, with its trials and its errors, its successes and its setbacks, can never be relaxed and never abandoned.”
وشــــــكراً السيدة الرئيس